หะดีษที่ 6 ภาค 3

Submitted by dp6admin on Sat, 11/04/2009 - 14:32
วันที่บรรยาย

อธิบายอัลหะดีษ จากญามิอุลอุลูมวัลหิกัม
الْحَدِيْثُ  السادس الجزء الثالث والأخير

หะดีษที่ 6 ภาคที่ 3

 


บ้านทองทา บางกอกน้อย
วันพฤหัสบดีที่ 19 กุมภาพันธ์ 52

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا  قَالَ :  سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَقُوْلُ  : (( إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَيَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ .  فَمَن اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَد اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ .  وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ  وَقَعَ فِي الْحِرَام ،  كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ .  أَلاَوَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ،  أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ .  أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ،  إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ،  وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ،  أَلاَوَهِيَ الْقَلْبُ .))  رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

จากอบูอับดุลลอฮฺ (อัน-นุอฺมาน บินบะชีร) กล่าวว่า : ฉัน ได้ยินท่านร่อซูลุลลอฮฺ ศ็อลลัลลอฮุอะลัยฮิวะซัลลัม กล่าวว่า แท้จริง สิ่งที่อนุมัติ (หะล้าล) นั้นชัดแจ้ง สิ่งที่ต้องห้าม (หะรอม) ก็ชัดแจ้ง และในระหว่างทั้งสองสิ่งนั้น มีเรื่อง (หรือสิ่ง) ที่คลุมเครือ (ไม่ชัดแจ้ง) ซึ่งผู้คนส่วนมากไม่รู้ ดังนั้น ผู้ใดรักษาตัวเขาจากสิ่ง (หรือเรื่อง) ที่คลุมเครือนั้น เขาได้ชำระตัวเขาในการปกป้องศาสนาของเขาและเกียรติของเขา ส่วนที่ตกลงไปในการกระทำสิ่งที่คลุมเครือ เขาก็ได้ตกลงไปในเรื่องที่ต้องห้าม เช่นเดียวกับผู้ที่เลี้ยงปศุสัตว์รอบ ๆ ที่ดินที่ต้องห้าม (เช่น สวนของคนอื่น) ไม่ช้ามันก็จะเข้า (ไปกิน) ใน (สวน) นั้น จงจำไว้ว่า ผู้ปกครอง (กษัตริย์ ฯลฯ) ทุกคนมีขอบเขตที่ต้องห้าม จงจำไว้เถิดว่า ที่อัลลอฮฺทรงห้ามนั้น คือสิ่งที่พระองค์ไม่ทรงอนุมัติ จงจำไว้ว่า ในร่างกายนั้นมีเนื้อก้อนหนึ่ง เมื่อมันดี ร่างกายนั้นก็ดีด้วย แต่เมื่อมันเสีย ร่างกายก็จะเสียไปด้วย จงจำไว้ว่ามันคือ หัวใจ

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

hอธิบายอัลหะดีษจากญามิอุลอุลูมวัลหิกัม หะดีษที่ 6 ภาคที่ 3

الاشتباه في الحكم لتردد الفرع بين أصول تجتذبه

وقد يقع الاشتباه في الحكم ، لكون الفرع متردِّداً بين أصول تجتذبهُ ، كتحريم الرجل زوجته ، فإنَّ هذا متردِّدٌ بين تحريم الظِّهار الذي ترفعه الكفَّارةُ الكبرى ، وبين تحريم الطَّلقة الواحدة بانقضاء عدتها الذي تُباحُ معه الزوجة بعقدٍ جديدٍ ، وبين تحريم الطَّلاق الثلاث الذي لا تُباح معه الزوجةُ بدون زوج وإصابة وبين تحريم الرجل عليه ما أحلَّه الله له مِنَ الطَّعام والشراب الذي لا يحرمه ، وإنَّما يُوجب الكفَّارة الصُّغرى ، أو لا يُوجب شيئاً على الاختلاف في ذلك ، فمن هاهنا كَثُرَ الاختلافُ في هذه المسألة في زمن الصحابة فمن بعدهم .

لا يعلمهن كثير من الناس
•    وبكل حال فالأمور المشتبهة التي لا تتبين أنَّها حلال ولا حرام لكثير من الناس، كما أخبر به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ، قد يتبيَّنُ لبعضِ النَّاس أنَّها حلال أو حرام ، لما عِنده مِنْ ذلك من مزيدِ علمٍ، وكلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يدلُّ على أنَّ هذه المشتبهات مِنَ النَّاسِ من يعلمُها، وكثيرٌ منهم لا يعلمها ، فدخل فيمن لا يعلمها نوعان :
•    أحدهما : من يتوقَّف فيها ؛ لاشتباهها عليه .
•    والثاني : من يعتقدُها على غيرِ ما هي عليه ، ودل كلامُه على أنَّ غير هؤلاء يعلمها ، ومرادُه أنَّه يعلمها على ما هي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم ، وهذا من أظهر الأدلة على أنَّ المصيبَ عند الله في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلفِ فيها واحدٌ عند الله - عز وجل - ، وغيره ليس بعالم بها ، بمعنى أنَّه غيرُ مصيب لحكم الله فيها في نفس الأمر ، وإنْ كان يعتقدُ فيها اعتقاداً يستندُ فيه إلى شبهة يظنُّها دليلاً ، ويكون مأجوراً على اجتهاده ، ومغفوراً له خطؤه لعدم اعتماده .
العالم بحكم الشبهات
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( فمن اتَّقى الشُّبهاتِ ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ ، وقع في الحرام )) قسَّم الناس في الأمور المشتبهة إلى قسمين ، وهذا إنَّما هو بالنسبة إلى من هي مشتبهة عليه ، وهو ممن لا يعلمها ، فأمَّا مَنْ كان عالماً بها ، واتَّبع ما دلَّه علمهُ عليها ، فذلك قسمٌ ثالثٌ ، لم يذكره لظهور حكمه ، فإنَّ هذا القسم أفضلُ الأقسام الثلاثةِ ؛ لأنَّه عَلِمَ حكمَ الله في هذه الأمور المشتبهة على النَّاس، واتَّبع علمَه في ذلك .

من اتقى الشبهات
•    وأما من لم يعلم حكم الله فيها ، فهم قسمان :
•    أحدهما من يتقي هذه الشبهات ؛ لاشتباهها عليه ، فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه . ومعنى استبرأ : طلب البراءة لدينه وعرضه مِنَ النَّقْص والشَّين ، والعرض : هو موضعُ المدح والذمِّ من الإنسان ، وما يحصل له بذكره بالجميل مدحٌ ، وبذكره بالقبيح قدحٌ، وقد يكون ذلك تارةً في نفس الإنسان ، وتارةً في سلفه ، أو في أهله ، فمن اتَّقى الأمور المشتبهة واجتنبها ، فقد حَصَّنَ عِرْضَهُ مِنَ القَدح والشَّين الداخل على من لا يجتنبها ، وفي هذا دليل على أنَّ من ارتكب الشُّبهات ، فقد عرَّض نفسه للقدح فيه والطَّعن ، كما قال بعض السَّلف : من عرَّض نفسه للتُّهم ، فلا يلومنَّ من أساء به الظنّ  .
•    القسم الثاني : من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهةً عنده ، فأمَّا مَنْ أتى شيئاً مما يظنُّه الناس شبهةً ، لعلمه بأنَّه حلال في نفس الأمر ، فلا حَرَج عليه من الله في ذلك ، لكن إذا خشيَ من طعن الناس عليه بذلك ، كان تركُها حينئذ استبراءً لعرضه ، فيكون حسناً ، وهذا كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمن رآه واقفاً مع صفية : (( إنَّها صفيَّةُ بنتُ حُيي )) . وخرج أنس إلى الجمعة ، فرأى الناسَ قد صلَّوا ورجعوا ، فاستحيى ، ودخل موضعاً لا يراهُ النَّاس فيه ، وقال : (( من لا يستحيي من الناس ، لا يستحيي من الله )).
وقع في الحرام !
•    وإنْ أتى ذلك لاعتقاده أنَّه حلال ، إمَّا باجتهادٍ سائغٍ ، أو تقليدٍ سائغٍ ، وكان مخطئاً في اعتقاده ، فحكمهُ حكمُ الذي قبلَه ، فإنْ كان الاجتهادُ ضعيفاً ، أو التقليدُ غيرَ سائغٍ ، وإنَّما حمل عليه مجرّد اتباع الهوى ، فحكمُهُ حكمُ من أتاه مع اشتباهه عليه ، والذي يأتي الشبهات مع اشتباهها عليه ، فقد أخبر عنه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه وقع في الحرام ، وهذا يفسر بمعنيين :
•    أحدهما : أنَّه يكونُ ارتكابُهُ للشبهة مع اعتقاده أنَّها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقد أنَّه حرام بالتدريج والتسامح . وفي رواية في " الصحيحين "  لهذا الحديث : (( ومن اجترأَ على ما يشكُّ فيه مِنَ الإثمِ ، أوْشَكَ أنْ يُواقِعَ ما استبانَ )) . وفي رواية : (( ومَنْ يُخالطِ الرِّيبةَ ، يوشِكُ أن يَجْسُرَ )) ، بالسين أي يقدم ويتجرأ ، أو بالشين أي يرعى ويرتع .
•    والمعنى الثاني : أنَّ من أقدم على ما هو مشتبهٌ عنده ، لا يدري : أهو حلالٌ أو حرام ، فإنَّه لا يأمن أنْ يكون حراماً في نفس الأمر ، فيُصادِفُ الحرام وهو لا يدري أنَّه حرامٌ .

حكم التنزه عن الشبهات
•    واختلف العلماء : هل يُطيع والديه في الدُّخول في شيءٍ من الشُّبهة أم لا يُطيعهما ؟ فرُوي عن بشر بن الحارث ، قال : لا طاعة لهما في الشُّبهةِ ، وعن محمد ابن مقاتل العبَّادانيِّ قال : يُطيعهما، وتوقف أحمد في هذه المسألة ، وقال : يُداريهما، وأبى أنْ يُجيبَ فيها .
•    وقال أحمد : لا يشبعُ الرَّجل مِنَ الشُّبهة ، ولا يشتري الثوبَ للتَّجمُّل من الشُّبهة ، وتوقف في حدِّ ما يُؤكل وما يُلبس منها ، وقال في التَّمرة يلقيها الطيرُ : لا يأكلها ، ولا يأخذها ، ولا يتعرَّضُ لها .
•    وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلُسَ أو الدَّراهِم : أحبُّ إليَّ أنْ يتنزَّه عنها ، يعني : إذا لم يدرِ من أين هي . وكان بعضُ السَّلف لا يأكلُ إلا شيئاً يعلمُ من أينَ هو ، ويسأل عنه حتّى يقفَ على أصله .
(( كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمى ... ))
والله - عز وجل - حمى هذه المحرَّمات ، ومنع عباده من قربانها وسمَّاها حدودَه ، فقال :{ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }  ، فكذلك من تعدَّى الحلال، ووقع في الشبهات ، فإنَّه قد قارب الحرام غايةَ المقاربة ، فما أخلقَهُ بأنْ يُخالِطَ الحرامَ المحضَ ، ويقع فيه ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّه ينبغي التباعد عن المحرَّماتِ ، وأنْ يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزاً . وقد خرّج الترمذي وابن ماجه مِنْ حديثِ عبد الله بن يزيد ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( لا يبلغُ العبدُ أنْ يكونَ من المتَّقين حَتّى يَدَعَ ما لا بأسَ به حذراً مما به بأسٌ  )) .
وقال أبو الدرداء : تمامُ التقوى أنْ يتقي الله العبدُ ، حتّى يتقيَه مِنْ مثقال ذرَّة ، وحتّى يتركَ بعضَ ما يرى أنَّه حلال ، خشيةَ أنْ يكون حراماً ، حجاباً بينه وبينَ الحرام . وقال الحسنُ : مازالتِ التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام . وقال الثوري : إنما سُموا المتقين ؛ لأنَّهم اتَّقَوْا مالا يُتَّقى . وروي عن ابن عمر قال : إنِّي لأحبُّ أنْ أدعَ بيني وبين الحرام سترةً من الحلال لا أخرقها . وقال ميمون بن مهران : لا يسلم للرجل الحلالُ حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال. وقال سفيان بن عيينة : لا يصيب عبدٌ حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبينَ الحرام حاجزاً من الحلال ، وحتى يدعَ الإثم وما تشابه منه.
سد الذرائع
•    ويستدلُّ بهذا الحديثِ مَنْ يذهب إلى سدِّ الذرائع إلى المحرَّمات وتحريم الوسائل إليها ، ويَدُلُّ على ذلك أيضاً من قواعدِ الشَّريعة تحريمُ قليلِ ما يُسكر كثيرُه وتحريمُ الخلوة بالأجنبية ، وتحريمُ الصَّلاة بعد الصُّبح وبعدَ العصرِ سدَّاً لذريعة الصَّلاة عند طُلوع الشَّمس وعندَ غروبها ، ومنعُ الصَّائم من المباشرة إذا كانت تحرِّكُ شهوتَه ، ومنع كثيرٍ من العلماءِ مباشرةَ الحائضِ فيما بين سرّتها ورُكبتها إلا مِنْ وراء حائلٍ ، كما كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأمر امرأتَه إذا كانت حائضاً أنْ تَتَّزر ، فيباشِرُها مِنْ فوق الإزار .
•    ومن أمثلة ذلك وهو شبيه بالمثل الذي ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : من سيَّب دابَّته ترعى بقُرْب زرع غيرِه ، فإنَّه ضامن لما أفسدته من الزرع ، ولو كان ذلك نهاراً ، هذا هو الصحيح ؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ بإرسالها في هذه الحال . وكذا الخلاف لو أرسل كلبَ الصَّيدِ قريباً من الحرم ، فدخل الحرمَ فصاد فيه ، ففي ضمانه روايتان عن أحمد ، وقيل : يضمنه بكلِّ حال.
ألا وإنَّ في الجسد مضغةً ، إذا صَلَحَتْ ، صَلَحَ الجسدُ كلُّه
•    فيه إشارةٌ إلى أنَّ صلاحَ حركاتِ العبدِ بجوارحه ، واجتنابه للمحرَّمات واتَّقاءه للشُّبهات بحسب صلاحِ حركةِ قلبِه. فإنْ كان قلبُه سليماً ، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يُحبه الله ، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه ، صلحت حركاتُ الجوارح كلّها ، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرَّمات كلها ، وتوقي للشبهات حذراً مِنَ الوقوعِ في المحرَّمات. وإنْ كان القلبُ فاسداً ، قدِ استولى عليه اتِّباعُ هواه ، وطلب ما يحبُّه ، ولو كرهه الله ، فسدت حركاتُ الجوارح كلها ، وانبعثت إلى كلِّ المعاصي والمشتبهات بحسب اتِّباع هوى القلب .
•    ولهذا يقال : القلبُ مَلِكُ الأعضاء ، وبقيَّةُ الأعضاءِ جنودُه ، وهم مع هذا جنودٌ طائعون له، منبعثون في طاعته، وتنفيذ أوامره ، لا يخالفونه في شيءٍ من ذلك،، ولا ينفع عند الله إلاّ القلبُ السليم . ) ، كما قال تعالى : { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } ، وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه : (( اللهم إني أسألُكَ قلباً سليماً )) ، فالقلب السليم : هو السالم من الآفات والمكروهات كلِّها ، وهو القلبُ الذي ليس فيه سوى محبة الله وما يحبُّه الله ، وخشية الله ، وخشية ما يُباعد منه .
صلاح القلوب بمحبة الله 
•    وقال الحسن لرجل : داوِ قلبكَ؛ فإنَّ حاجة الله إلى العباد صلاحُ قلوبهم، يعني : أنَّ مراده منهم ومطلوبه صلاحُ قلوبهم ، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى تستقرَّ فيها معرفةُ اللهِ وعظمتُه ومحبَّتُه وخشيتُهُ ومهابتُه ورجاؤهُ والتوكلُ عليهِ ، وتمتلئَ مِنْ ذَلِكَ ، وهذا هوَ حقيقةُ التوحيد ، وهو معنى (( لا إله إلا الله )) ، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى يكونَ إلهُها الذي تألَهُه وتعرفه وتحبُّه وتخشاه هوَ الله وحده لا شريكَ لهُ ، ولو كانَ في السماوات والأرض إله يُؤَلَّه سوى الله ، لفسدت بذلك السماوات والأرض ، كما قالَ تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا } .
•    فعلم بذلك أنَّه لا صلاحَ للعالَم العلويِ والسُّفليّ معاً حتى تكونَ حركاتُ أهلها كلُّها لله  ، وحركاتُ الجسدِ تابعةً لحركةِ القلب وإرادته ، فإنْ كانت حركتُه وإرادتُه لله وحدَه ، فقد صَلَحَ وصَلَحَتْ حركاتُ الجسدِ كلِّه، وإنْ كانت حركةُ القلب وإراداته لغيرِ الله تعالى فسدَ ، وفسدت حركاتُ الجسد بحسب فسادِ حركة القلب .
المحبة : الطاعة
وروى الليثُ ، عن مجاهدٍ في قوله تعالى : { لا تُشْرِكوا به شيئاً }  قال : لا تحبُّوا غيري .قال الله - عز وجل -: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله }  فهذا يدلُّ على أنَّ محبةَ ما يكرهه الله ، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى ، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيِّ ، ويدل على ذلك قوله : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله } فجعل الله علامة الصدق في محبته اتباعَ رسولِهِ ، فدلَّ على أنَّ المحبة لا تتمُّ بدون الطاعة والموافقة .قال الحسن : قال أصحابُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، إنّا نُحِبُّ ربنا حباً شديداً . فأحبَّ الله أنْ يجعل لحبه عَلَماً ، فأنزل الله هذه الآية : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} . ومن هنا قال الحسن : اعلم أنَّك لن تُحِبَّ الله حتى تُحِبَّ طاعته .
علامات الطاعة
•    وسئل ذو النون : متى أُحِبُّ ربي ؟ قالَ : إذا كانَ ما يُبغضه عندك أمرَّ من الصبر. وقال بشر بن السَّرِي : ليس من أعلام الحبِّ أنْ تُحبَّ ما يُبغِضُه حبِيبك . وقال أبو يعقوب النهرجوري : كلُّ من ادَّعى محبة الله - عز وجل - ، ولم يُوافق الله في أمره ونهيه ، فدعواه باطل . وقال رُويم : المحبة الموافقة في كلِّ الأحوال ، وقال يحيى بنُ معاذ : ليس بصادقٍ من ادَّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده ، وعن بعض السَّلف قال : قرأتُ في بعض الكتب السالفة : من أحبَّ الله لم يكن عنده شيء آثرَ من رضاه ، ومن أحبَّ الدنيا لم يكن عنده شيء آثر من هوى نفسه .
•    وفي " السنن " عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : (( مَنْ أعطى للهِ ، ومنع لله ، وأحب لله ، وأبغض لله ، فقد استكمل الإيمان ))  ومعنى هذا أنَّ حركات القلب والجوارح إذا كانت كلُّها لله فقد كَمُلَ إيمانُ العبد بذلك ظاهراً وباطناً ، ويلزمُ من صلاح حركات القلب صلاحُ حركات الجوارح ، فإذا كان القلب صالحاً ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعثِ الجوارحُ إلا فيما يُريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه، وكَفَّتْ عما يكرهه ، وعما يخشى أنْ يكونَ مما يكرهه وإنْ لم يتيقن ذلك .
•    قال الحسن : ما نظرتُ ببصري ، ولا نطقتُ بلساني ، ولا بطشتُ بيدي ، ولا نهضتُ على قدمي حتّى أنظر على طاعةٍ أو على معصية ، فإنْ كانت طاعةٌ تقدمت ، وإنْ كانت معصية تأخَّرت .
•    وقال محمد بن الفضل البَلخي : ما خطوتُ منذ أربعين سنة خطوةً لغير الله - عز وجل - . وقيل لداود الطائي : لو تنحيتَ من الظلِّ إلى الشمس ، فقال : هذه خُطا لا أدري كيف تكتب .
•    فهؤلاء القوم لما صلحت قلوبُهم ، فلم يبق فيها إرادةٌ لغير الله - عز وجل - ، صلحت جوارحُهم ، فلم تتحرّك إلا لله - عز وجل - ، وبما فيه رضاه ، والله تعالى أعلم .