معنى الطيب
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ الله تعالى طيب )) هذا قد جاء أيضاً من حديث سعد بن أبي وقاص ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( إن الله طيِّبٌ يحبُّ الطَّيِّبَ ، نظيفٌ يحبُّ النظافة ، جواد يحبُّ الجود )) . خرَّجه الترمذي) ، وفي إسناده مقال ، والطيب هنا : معناه الطاهر.
والمعنى : أنَّه تعالى مقدَّسٌ منَزَّه عن النقائص والعيوب كلها ، وهذا كما في قوله : { وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُون } ، والمراد : المنزهون من أدناس الفواحش وأوضَارها .
وقوله : (( لا يقبل إلا طيباً )) قد ورد معناه في حديث الصدقة ، ولفظُه : (( لا يتصدَّق أحدٌ بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً … ، والمراد أنَّه تعالى لا يقبل مِن الصدقات إلا ما كان طيباً حلالاً .
وقد قيل : إنَّ المراد في هذا الحديث الذي نتكلم فيه الآن بقوله : (( لا يقبلُ الله إلا طيباً )) أعمُّ مِنْ ذلك ، وهو أنَّه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلِّها ، كالرياء والعُجب ، ولا من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً ، فإنَّ الطيب تُوصَفُ به الأعمالُ والأقوالُ والاعتقاداتُ ، فكلُّ هذه تنقسم إلى طيِّبٍ وخبيثٍ .
وقد قيل : إنَّه يدخل في قوله تعالى : { قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } هذا كلُّه .
الطيب من الكلام والأعمال والاعتقادات
وقد قسَّم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث ، فقال : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة } ، { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } ، وقال تعالى : {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ } ، ووصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنَّه يحلُّ الطيبات ويحرِّمُ الخبائث .
وقد قيل : إنَّه يدخل في ذلك الأعمالُ والأقوالُ والاعتقاداتُ أيضاً ، ووصف الله تعالى المؤمنين بالطيب بقوله تعالى : { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ } وإنَّ الملائكة تقولُ عند الموت: اخرُجي أيتها النفس الطَّيِّبة التي كانت في الجسد الطيِّب، وإنَّ الملائكة تسلِّمُ عليهم عندَ دُخول الجنة، ويقولون لهم: طبتم فادخلوها خالدين، وقد ورد في الحديث أنَّ المؤمن إذا زار أخاً له في الله تقول له الملائكة : (( طِبْتَ ، وطابَ ممشاك ، وتبوَّأْتَ من الجنة منْزلاً ))( لكن إسناده ضعيف ) .
فالمؤمن كله طيِّبٌ قلبُه ولسانُه وجسدُه بما سكن في قلبه من الإيمان ، وظهر على لسانه من الذكر ، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان ، وداخلة في اسمه ، فهذه الطيباتِ كلُّها يقبلها الله - عز وجل - ومن أعظم ما يحصل به طيبةُ الأعمَال للمؤمن طيبُ مطعمه ، وأنْ يكون من حلال ، فبذلك يزكو عملُه.
- Log in to post comments
- 109 views