تفسير سورة البقرة
وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿١٨٨﴾
188. และพวกเจ้าจงอย่ากินทรัพย์สมบัติของพวกเจ้า ระหว่างพวกเจ้าโดยมิชอบ และจงอย่าจ่ายมันให้แก่ผู้พิพากษา เพื่อที่พวกเจ้าจะได้กินส่วนหนึ่งจากทรัพย์สินสมบัติของผู้อื่น ด้วยการกระทำสิ่งที่เป็นบาป ทั้งๆที่พวกเจ้ารู้กันอยู่
سبب النزول
قال القرطبي : قِيلَ : إِنَّهُ نَزَلَ فِي عَبْدَان بْن أَشْوَع الْحَضْرَمِيّ اِدَّعَى مَالًا عَلَى اِمْرِئِ الْقَيْس الْكِنْدِيّ وَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْكَرَ اِمْرُؤُ الْقَيْس وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِف فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , فَكَفَّ عَنْ الْيَمِين وَحَكَّمَ عَبْدَان فِي أَرْضه وَلَمْ يُخَاصِمهُ
معنى الآية ... إنكار الودائع
قال ابن كثير:قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة وَعَنْ اِبْن عَبَّاس هَذَا فِي الرَّجُل يَكُون عَلَيْهِ مَال وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ بَيِّنَةٌ فَيَجْحَد الْمَال وَيُخَاصِم إِلَى الْحُكَّام وَهُوَ يَعْرِف أَنَّ الْحَقّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ آثِمٌ آكِلٌ الْحَرَامَ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا تُخَاصِم وَأَنْتَ تَعْلَم أَنَّك ظَالِم وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمّ سَلَمَة أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " أَلَا إِنَّمَا أَنَا بَشَر وَإِنَّمَا يَأْتِينِي الْخَصْم فَلَعَلَّ بَعْضكُمْ أَنْ يَكُون أَلْحَن بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض فَأَقْضِي لَهُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِحَقِّ مُسْلِم فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَة مِنْ نَار فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ لِيَذَرهَا "
الرشوة
قال القرطبي : وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَا تُصَانِعُوا بِأَمْوَالِكُمْ الْحُكَّام وَتَرْشُوهُمْ لِيَقْضُوا لَكُمْ عَلَى أَكْثَر مِنْهَا . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا الْقَوْل يَتَرَجَّح ; لِأَنَّ الْحُكَّام مَظِنَّة الرِّشَاء إِلَّا مَنْ عُصِمَ وَهُوَ الْأَقَلّ , وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّفْظَيْنِ مُتَنَاسِبَانِ : تُدْلُوا مِنْ إِرْسَال الدَّلْو وَالرِّشْوَة مِنْ الرِّشَاء , كَأَنَّهُ يَمُدّ بِهَا لِيَقْضِيَ الْحَاجَة.
قال القرطبي معقبا : قُلْت : فَالْحُكَّام الْيَوْم عَيْن الرِّشَا لَا مَظِنَّته , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ .
حكم الرشوة
وَرِشْوَةُ الْمَسْئُولِ عَنْ عَمَلٍ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } ، قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ الرِّشْوَةُ . وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } . وَرَوَى عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : { لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ } وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ " وَالرَّائِشَ " . وَيَحْرُمُ طَلَبُ الرِّشْوَةِ ، وَبَذْلُهَا ، وَقَبُولُهَا ، كَمَا يَحْرُمُ عَمَلُ الْوَسِيطِ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.
بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي شَيْءٍ فَأَعْطَى دِينَارَيْنِ حَتَّى خُلِّيَ سَبِيلُهُ . وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ قَالُوا لَا بَأْسَ أَنْ يُصَانِعَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ إِذَا خَافَ الظُّلْمَ . اِنْتَهَى كَلَامُ اِبْنِ الْأَثِيرِ . وَفِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ قِيلَ : الرِّشْوَةُ مَا يُعْطَى لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ لِإِحْقَاقِ بَاطِلٍ . أَمَّا إِذَا أَعْطَى لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى حَقٍّ أَوْ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ ظُلْمًا فَلَا بَأْسَ بِهِ . وَكَذَا الْآخِذُ إِذَا أَخَذَ لِيَسْعَى فِي إِصَابَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَلَا بَأْسَ بِهِ . لَكِنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ . لِأَنَّ السَّعْيَ فِي إِصَابَةِ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ الْمَظْلُومِ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْأَخْذُ عَلَيْهِ قَالَ الْقَارِي : كَذَا ذَكَرَهُ اِبْنُ الْمَلَكِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ : إِلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا الْآخِذُ - وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يُنَافِيهِ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا : مَنْ شَفَعَ لِأَحَدٍ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا.رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ اِنْتَهَى
وفي عون المعبود :وقال القاضي الشوكاني في النيل : والتخصيص لطالب الحق بجواز تسليم الرشوة منه للحاكم لا أدري بأي مخصص والحق التحريم مطلقا أخذا بعموم الحديث
أقسام الرشوة
قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الرِّشْوَةَ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا :
• الرِّشْوَةُ عَلَى تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي
• ارْتِشَاءُ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي ، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِحَقٍّ ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ .
• أَخْذُ الْمَالِ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ أَوْ جَلْبًا لِلنَّفْعِ ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ فَقَطْ
• إعْطَاءُ إنْسَانٍ غَيْرِ مُوَظَّفٍ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الْحَاكِمِ مَالًا لِيَقُومَ بِتَحْصِيلِ حَقِّهِ لَهُ ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ دَفْعُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَنَةُ الْإِنْسَانِ لِلْآخَرِ بِدُونِ مَالٍ وَاجِبَةً ، فَأَخْذُ الْمَالِ مُقَابِلَ الْمُعَاوَنَةِ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِمَثَابَةِ أُجْرَةٍ .
حُكْمُ الرِّشْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَشِي
• ( الْإِمَامُ وَالْوُلَاةُ ) : قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْهَدِيَّةِ إلَى السُّلْطَانِ الْأَكْبَرِ ، وَإِلَى الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الْأَمْوَالِ - وَيُقْصَدُ بِالْكَرَاهِيَةِ الْحُرْمَةُ - . وَلَمَّا رَدَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَدِيَّةَ ، قِيلَ لَهُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُهَا ، فَقَالَ : كَانَتْ لَهُ هَدِيَّةً ، وَهِيَ لَنَا رِشْوَةٌ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ لِنُبُوَّتِهِ لَا لِوِلَايَتِهِ ، وَنَحْنُ يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَيْنَا لِوِلَايَتِنَا .
• ( الْعُمَّالُ ) : وَحُكْمُ الرِّشْوَةِ إلَى الْعُمَّالِ ( الْوُلَاةِ ) كَحُكْمِ الرِّشْوَةِ إلَى الْإِمَامِ - كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ لِمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ } . وَلِحَدِيثِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ.
• ( الْقَاضِي ) : وَالرِّشْوَةُ إلَى الْقَاضِي حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ . قَالَ الْجَصَّاصُ : وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ الرَّشَا عَلَى الْأَحْكَامِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّحْتِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . وَاسْتِعَارَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ ، فَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ كَالْهَدِيَّةِ ، وَفِي الْفُنُونِ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ . وَهَدِيَّةُ الْقَاضِي فِيهَا تَفْصِيلٌ .
• ( الْمُفْتِي ) : يَحْرُمُ عَلَى الْمُفْتِي قَبُولُ رِشْوَةٍ مِنْ أَحَدٍ لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُ ، وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ . قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ : مَا أُهْدِيَ لِلْمُفْتِي ، إنْ كَانَ يَنْشَطُ لِلْفُتْيَا أُهْدِيَ لَهُ أَمْ لَا ، فَلَا بَأْسَ ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَنْشَطُ إذَا أُهْدِيَ لَهُ فَلَا يَأْخُذُهَا ، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ خُصُومَةٌ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ صَاحِبِ الْفُتْيَا ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَيْشُونٍ وَكَانَ يَجْعَلُ ذَلِكَ رِشْوَةً .
• ( الْمُدَرِّسُ ) : إنْ أُهْدِيَ إلَيْهِ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِهِ ، وَإِنْ أُهْدِيَ إلَيْهِ لِيَقُومَ بِوَاجِبِهِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الْأَخْذِ .
• ( الشَّاهِدُ ) : وَيَحْرُمُ عَلَى الشَّاهِدِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ . وَإِذَا أَخَذَهَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ .
ิ• ( الْحَاجُّ ) : لَا يَلْزَمُ الْحَجُّ مَعَ الْخَفَارَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ ، وَقَالَ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَحَفِيدُهُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ قُدَامَةَ : يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ يَدْفَعُ خَفَارَةً إنْ كَانَتْ يَسِيرَةً . أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلَهُمْ تَفْصِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصْدِيِّينَ ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَلَوْ وَجَدُوا مَنْ يَخْفِرُهُمْ بِأُجْرَةٍ ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَمْنُهُمْ بِهِ ، فَفِي لُزُومِ اسْتِئْجَارِهِ وَجْهَانِ . قَالَ الْإِمَامُ : أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُهَبِ الطَّرِيقِ كَالرَّاحِلَةِ . وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ .
• ( صَاحِبُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ ) : - يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ الْقَابِضَ لِخَرَاجِهِ ، وَيُهْدِيَ لَهُ لِدَفْعِ ظُلْمٍ فِي خَرَاجِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى كَفِّ الْيَدِ الْعَادِيَةِ عَنْهُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْشُوَهُ أَوْ يُهْدِيَهُ لِيَدَعَ عَنْهُ خَرَاجًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ .
• ( الْقَاضِي ) : مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَرْشُوَ لِتَحْصِيلِ الْقَضَاءِ ، وَمَنْ تَقَبَّلَ الْقَضَاءَ بِقُبَالَةٍ ( عِوَضٍ ) ، وَأُعْطَى عَلَيْهِ الرِّشْوَةُ فَوِلَايَتُهُ بَاطِلَةٌ . وَقَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ : لَوْ بَذَلَ مَالًا لِيَتَوَلَّى الْقَضَاءَ ، فَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْقَاصِّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَقَضَاؤُهُ مَرْدُودٌ . وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ : وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَمْ يُوَلَّ إلَّا بِمَالٍ هَلْ يَحِلُّ بَذْلُهُ ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ بَذْلُهُ لِلْمَالِ كَمَا يَحِلَّ طَلَبُ الْقَضَاءِ . ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ : إذَا تَعَيَّنَ عَلَى شَخْصٍ تَوَلِّي الْقَضَاءِ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ بِسُؤَالِهِمْ أَنْ يُوَلُّوهُ ، فَإِذَا مَنَعَهُ السُّلْطَانُ أَثِمَ بِالْمَنْعِ ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ الْأَوْلَى وَوَلَّى غَيْرَهُ ، فَيَكُونُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِذَا مَنَعَهُ لَمْ يَبْقَ وَاجِبًا عَلَيْهِ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ دَفْعُ الرِّشْوَةِ . وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ : يَحْرُمُ بَذْلُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي نَصْبِهِ قَاضِيًا ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ .
حُكْمُ الْقَاضِي المرتشي
– - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي ، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ . وَلَكِنْ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي .
• ( انْعِزَالُ الْقَاضِي ) : ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْمُعْتَمَدِ - وَالْحَنَابِلَةُ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَالْخَصَّافُ ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَبُولُهُ الرِّشْوَةَ . قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إذَا ارْتَشَى الْحَاكِمُ انْعَزَلَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ ، وَبَطَلَ كُلُّ حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ . وَمَذْهَبُ الْآخَرِينَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ ، بَلْ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الَّذِي وَلَّاهُ
ิ قال ابن كثير: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ حُكْم الْحَاكِم لَا يُغَيِّر الشَّيْء فِي نَفْس الْأَمْر فَلَا يُحِلّ فِي نَفْس الْأَمْر حَرَامًا هُوَ حَرَام وَلَا يُحَرِّم حَلَالًا هُوَ حَلَال وَإِنَّمَا هُوَ مُلْزِم فِي الظَّاهِر فَإِنْ طَابَق فِي نَفْس الْأَمْر فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ أَجْره وَعَلَى الْمُحْتَال وِزْره وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّام لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَال النَّاس بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " أَيْ تَعْلَمُونَ بُطْلَان مَا تَدْعُونَهُ وَتُرَوِّجُونَهُ فِي كَلَامكُمْ قَالَ قَتَادَة : اِعْلَمْ يَا اِبْن آدَم أَنَّ قَضَاء الْقَاضِي لَا يُحِلُّ لَك حَرَامًا وَلَا يُحِقُّ لَك بَاطِلًا وَإِنَّمَا يَقْضِي الْقَاضِي بِنَحْوِ مَا يَرَى وَتَشْهَد بِهِ الشُّهُود وَالْقَاضِي بَشَر يُخْطِئ وَيُصِيب وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِبَاطِلٍ أَنَّ خُصُومَته لَمْ تَنْقَضِ حَتَّى يَجْمَع اللَّه بَيْنهمَا يَوْم الْقِيَامَة فَيَقْضِي عَلَى الْمُبْطِل لِلْمُحِقِّ بِأَجْوَد مِمَّا قُضِيَ بِهِ لِلْمُبْطِلِ عَلَى الْمُحِقّ فِي الدُّنْيَا .
صور أكل الأموال بالباطل
قال القرطبي :الْخِطَاب بِهَذِهِ الْآيَة يَتَضَمَّن جَمِيع أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمَعْنَى : لَا يَأْكُل بَعْضكُمْ مَال بَعْض بِغَيْرِ حَقّ , فَيَدْخُل فِي هَذَا : الْقِمَار وَالْخِدَاع وَالْغُصُوب وَجَحْد الْحُقُوق وَمَا لَا تَطِيب بِهِ نَفْس مَالِكه أَوْ حَرَّمَتْهُ الشَّرِيعَة وَإِنْ طَابَتْ بِهِ نَفْس مَالِكه كَمَهْرِ الْبَغِيّ وَحُلْوَان الْكَاهِن وَأَثْمَان الْخُمُور وَالْخَنَازِير وَغَيْر ذَلِكَ , وَلَا يَدْخُل فِيهِ الْغَبْن فِي الْبَيْع مَعَ مَعْرِفَة الْبَائِع بِحَقِيقَةِ مَا بَاعَ لِأَنَّ الْغَبْن كَأَنَّهُ هِبَة
- Printer-friendly version
- Log in to post comments
- 82 views